إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
83210 مشاهدة
ما يمنع منه أهل الذمة

ويمنعون من إنشاء كنائس وبيع ومجتمع لصلاة في دارنا ومن بناء ما انهدم منها ولو ظلما؛ لما روى كثير بن مرة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبنى الكنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها .


يقول: الكنائس: معابد النصارى، والصوامع والديارات: معابد اليهود، ويمكن أن الدير أنه معبد لليهود وللنصارى، ويسمى ديرا، وقد يسمى أيضا صومعة، وهي عبارة عن بناء رفيع؛ ينفرد فيه الذي يتعبد منهم ويتخلى عن الناس، ويبقى فيه على حالة خاصة في ذلك المعبد؛ الذي يسمى صومعة، فإذا انهدمت صومعته التي في بلاد الإسلام لا يمكَّن من تجديدها، بل يقال: تعبد في دارك ولا تظهر هذه الصومعة بعدما انهدمت، اتركها ولا تجددها، وكذلك الكنائس التي هي معابد النصارى يجتمعون فيها ويتعبدون فيها بعبادات خاصة لهم، تلك الكنائس أيضا لا يجوز تجديدها إذا انهدمت؛ بل تمحى ويذهب أثرها، وكذلك أيضا التجديد يعني: الابتداء، لا يجوز أن يبدأوا كنيسة يحدثونها لم يكن لها أصل؛ فلا يحدثون الكنائس في بلاد الإسلام. هذا هو حكمهم.
هذا فيما إذا كانوا ذميين، ومع الأسف الآن قد كثرت الكنائس في البلاد الإسلامية؛ مثلا في حرب الخليج كانت الإذاعة العراقية تندد بالنصارى، الذين جاءوا من أمريكا وتقول: كيف تشجعون بلادا ليس فيها كنائس وتنتصرون لها على بلاد فيها كنائس؟!
وهو حقيقة؛ وذلك لأن النصارى تمكنوا في كثير من المدن العراقية دون أن يكون هناك من يذلهم ولا من يلزمهم بالصغار، فصاروا يبنون كنائس فكثرت الكنائس في العراق وفي لبنان أو في الشام كله، وفي مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية عربية أو غير عربية ما عدا هذه البلاد والحمد لله، وبعض البلاد التي أهلها لا يزالون أقوياء، متمسكين بعقيدتهم،وبتعاليم إسلامهم.
فالحاصل أنهم يمنعون من إحداث الكنائس. أي: من بنائها جديدة في بلاد الإسلام أو في البلاد التي استولى عليها المسلمون ولو كان أصلها للنصارى، ويمنعون من تجديد ما انهدم منها ولو هدم ظلما. يعني: لو أن إنسانا من المسلمين ظلما جاء وهدم كنيسة أو صومعة وطلبوا أن تعاد فلا تعاد؛ اقْنعوا بأن تتعبدوا في دوركم، أو تدخلوا في الإسلام، فأما إحداث كنائس؛ فلا يجوز لهذا الحديث الذي أشار إليه الشارح. نعم.
.. معابد أيضا، معابد قديمة يتعبد فيها، قد تكون تلك العبادات شرعية وقد تكون غير شرعية، فقوله تعالى: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ إشارة إلى المعابد المتعددة لم تذكر في الآية الكنائس، فالصوامع هي متعبدات اليهود والنصارى التي يبنيها وينفرد فيها، والبيع هي المتعبدات التي يؤدون فيها شيئا من عباداتهم، يسمونها بيعا شبيهة بالكنائس أو قريبة منها، والصلوات يراد بها أماكن الصلاة التي يؤدون فيها عباداتهم، سواء كانوا من اليهود كالصوامع أو من النصارى كالكنائس والمساجد مساجد المسلمين. نعم.